الجمعة، 26 فبراير 2010

عكا ولا جزار لها !


بسم الله الرحمن الرحيم


عكا .. ولا "جزار" لها !
بقلم : معتز شكري

من وقت لآخر تقع أحداث بمدينة عكا ، يستقوي فيها السكان اليهود بدولتهم الصهيونية على سكانها العرب من مسلمين ومسيحيين ، وتهدأ الأحداث فترة لتثور من جديد في وقت آخر ، ولكن التوتر يبقى سيد الموقف مادام الظلم الواقع على إخوتنا في فلسطين مستمرا.

وكل ما يحدث في عكا وأتابعه في الأخبار ، سواء اشتباكات بين العرب والمستوطنين الذين سبق ترحيلهم من غزة وجاءت بهم سلطات الدولة اليهودية لتسكينهم في عكا ليكونوا شوكة في خاصرة سكانها العرب ، أو حتى بعض الأخبار السارة من قبيل الأنشطة العربية هناك للحفاظ على الهوية ، كل ذلك يذكرني بزيارتي لهذه المدينة في أواخر شهر ديسمبر 2006 ضمن مهمة صحفية لي في الأراضي الفلسطينية ، وزرت خلالها جامع أحمد باشا الجزار. وهو واحد من أكبر وأجمل مساجد فلسطين.

ولم يكن بالمسجد إلا القليل من مسلمي عكا البسطاء الطيبين القابضين على الجمر ، ومنهم شباب يبعث الأمل في مستقبل هذه الأمة بالرغم من كل الأهوال المحدقة بها ، وربما لايتسع المجال هنا لسرد ما سمعناه ورأيناه من قصص الاضطهاد والتمييز ونحن في المدينة من أهلها الفلسطينيين الأصلاء .

وعندما وقفنا لقراءة الفاتحة أمام قبر أحمد باشا الجزار (1734-1804م) قفز إلى خاطري كل ما حفظه لنا التاريخ عن أحمد باشا الجزار وبطولاته في الدفاع عن مدينة عكا واستبساله هو وأهلها في تحصينها لصد هجوم نابليون بونابرت عليها عام 1799.
الغريب أنني حاولت ، وأنا أسير في طرقات المدينة وأزور قلاعها وأتمشى على شاطئها ، أن أتخيل أو أتصور كيف استعصت على نابليون ، ومن أين جاءت تلك القوة والمنعة الأسطورية التي اشتهرت عنها – لدرجة ظهور المثل الشهير "يفتح عكا" ! - ولكنني لم أستطع !

لا شيء في المدينة ذاتها عندما زرتها يشير إلى أية منعة تؤدي إلى قهر جيش نابليون بونابرت وانسحابه مهزوما ذليلا ! لا توجد عوامل جغرافية أو جيولوجية خاصة تجعلها بهذه المنعة.
ولكن عامل العقيدة تمثل آنذاك في احتشاد أهل عكا "المسلمين" لصد جيش من الغزاة "المسيحيين" لا فرق بينهم وبين الصليبيين بالأمس، فكان هناك دافع جهادي محرك لهم للمقاومة ، على خلاف نظرتهم لجيش إبراهيم باشا الذي تمكن من فتح عكا بسهولة بعد ذلك بنحو ثلاثين سنة ، لأنه مسلم مثلهم وقادم من بلد مسلم مثل بلادهم ، فالأمر إذن أمر خلافات سياسية بين مسلمين بعيدا عن تهديد العقيدة نفسها ، ولم تكن النعرة القومية أو الوطنية قد ظهرت وقتها كما هي الآن.

كذلك كانت عدالة السماء تقضي بشيء من القصاص السريع لمذبحة يافا ، وإن كان باقي القصاص من هذه الحادثة ومن غيرها قد نال بونابرت في مراحل لاحقة من حياته هزيمة ومرضا وغربة ، فجاء انكساره في عكا وهزيمته ومرارته جزاء وفاقا – أو قليلا معجلا من الجزاء الوفاق له – على مجزرة يافا البشعة.

ويلخص لنا عبد الرحمن الرافعي ما حدث في يافا ، فيقول
: " احتل الجيش الفرنسي العريش في 20 فبراير 1799 بعد أن هزم الجيش العثماني بها ، ثم تابع زحفه حتى وصل إلى يافا فحاصرها واستولى عليها في 7 مارس بعد معركة شديدة."

"وفي مدينة يافا ارتكب الجيش الفرنسي باعتراف المؤرخين الفرنسيين أنفسهم أبشع مأساة ستظل أبد الدهر وصمة عار في جبين فرنسا. فبالإضافة إلى أعمال النهب والقتل التي استمرت يومين كاملين ، فإن الفرنسيين أعدموا رميا بالرصاص ثلاثة آلاف أسير عثماني ، على الرغم مما نصت عليه شروط التسليم من ضمان أرواحهم "!

ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فهل تجدون أي فارق بين مجزرة يافا هذه وأحداث الأمس القريب والبعيد عندما حصد الفرنسيون أرواح أكثر من مليون جزائري يدافعون عن حرية بلادهم (ضد الاستعمار والاستيطان) وعن هويتهم العربية (ضد الفرنسة) وعن عقيدتهم الإسلامية (ضد التنصير) خلال سبع سنوات فقط ، أي قرابة مائة وخمسين ألفا كل عام ، فكيف إذا أحصينا الشهداء خلال ال 132 سنة التي تشكل عمر القهر الفرنسي الاستيطاني المتعصب للجزائر (1830-1962) وكيف إذا أحصينا شهداء فلسطين على مدى قرن من قضيتها وليس فقط من نكبة 48 ؟!

وعندما نهى الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – عن التعرض بالقتل والإيذاء للنساء والأطفال والرهبان وغير المحاربين وللأسرى خلال الحرب كان يعلمنا احترام النفس البشرية. وعندما قام لجنازة يهودي مع استغراب من حوله وقال لهم معلما " أليست نفسا ؟!" كان يحترم النفس الإنسانية.

والآن عودة إلى عكا ، لنتذكر أن بطل موقعتها الذي حال دون أن يحقق بونابرت أحلامه في فتح الشرق كله كان هو أحمد باشا الجزار.

وهو الذي ذكر التاريخ – بجانب بطولاته العسكرية ودوره في صد غزوة بونابرت – أنه كان إداريا بارعا نجح في وقف تدهور الولايات التي كانت تابعة له وهي كل ديار الشام تقريبا على مدى قرابة ثلاثين عاما . ولكن التاريخ يذكر أيضا أنه كان مشهورا بتدبير المكائد والدسائس ، كما كان – وهو سبب هذا اللقب الذي غلب عليه - مستبدا ودمويا لدرجة أن بعض الأمهات والجدات في عكا حتى الآن يخوفن أطفالهن به وبسيرته إذا لم يسمعوا الكلام !

ونحن راضون أن يحكمنا الآن في بلدان العالم الإسلامي حكام مستبدون على شاكلة الجزار ( فنصيبنا من الاستبداد على ما يبدو مكفول لنا على أية حال!) ، شريطة أن يعدلوا في الاستبداد بيننا وبين أعدائنا وأعداء الأمة ويحفظوا لنا بلادنا ويحصنوها من هجماتهم.

ولأنه لم يعد الآن من هم على شاكلة صلاح الدين وقطز وقلاوون وعبد الحميد الثاني وأحمد باشا الجزار (الذين نعترف بأنهم لم يكونوا ملائكة ولا حكاما مثاليين ولكنهم كانوا ينقلبون أسودا ضواري في وجه أعداء الأمة) فقد سقطت عكا بسهولة في 1948 عندما اغتصبها اليهود حتى بعد أن جعلها قرار التقسيم في القسم العربي من فلسطين ، وإذا كانت الأدبيات المأثورة تقول : " ردة ولا أبا بكر لها " ، و"قضية ولا أبا حسن لها " ، أفلا نقول ونحن نتعاطف من بعيد مع أهلنا في عكا دون أن نفعل شيئا ذا بال لهم وهم يواجهون التمييز والاضطهاد والقهر وهم في عقر دارهم : "معذرة يا أهلنا ، فعكا الآن لا جزار لها " !

معتز شكري



اوعى ييجي لك البرادعي !

إوعى ييجي لك البرادعي !
بقلم : معتز شكري
في الأثر أن البلاء موكل بالمنطق.
ولكن رب ضارة نافعة.
فالذي قاله البرادعي "بعظمة لسانه" عن الإسلام والشريعة الإسلامية والدين أبلغ من أي كلام نقوله لننتقده فيه. والذي قاله في حديثه الأخير على قناة دريم لا يختلف عما سبق أن قاله قبل نحو شهرين ، ولكننا يا سادة في مصر ، ومصر هذه بلد قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله تعالى : كل شيء فيه ينسى بعد حين !
وربنا سبحانه يقول : "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ، وقد اضطررت لتغيير مقالي وكتابة ما أنا كاتبه الآن بعد أن رأيت نزول كتاب إسلاميين أفاضل إلى الحلبة مؤيدين بشدة عن رئاسة الدكتور البرادعي – التي لا يعلم أحد إلا الله تعالى مدى رجحانها حتى الآن وإن تكن في جميع الأحوال غير مستبعدة بعد أن جرت في النهر مياه كثيرة غريبة ومريبة في عواصم مختلفة من العالم – واقتناع بعضهم بأنه أفضل من غيره ، وبعضهم الآخر أنه الأفضل على الإطلاق الآن.
فتحملوني أولا وأنا أورد نصوص كلامه ، وقد تعودت على المنهج العلمي بنسبة كل شيء إلى مصدره ، ثم لتكن لي تعليقات سريعة بعد ذلك :
في الجزء الثاني من حديث الدكتور محمد البرادعي مع الشروق في أواخر ديسمبر 2009 قال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية : "إن هناك تناقض فى الدستور المصري، لأنه يقول إن الدولة دينها الإسلام لأن غالبية مصر دينها هو الإسلام، ولكن الدولة ليس لها دين، فوزارة الصحة ليس لها دين، وزارة الصناعة ليست مسلمة".
واضاف : "إذا كانت الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى، إلا أن هناك بعض المشكلات التى لم ننجح فى حلها حتى الآن، ومنها علاقة الدين بالدولة، ليست فقط فى مصر، وإنما فى العالم العربى ككل".
وتابع البرادعي: "هناك آية قرآنية تقول: "فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه"، سورة المائدة، القرآن هنا لا يسمح لأهل الدين بالتمسك فقط بدينهم وإنما بالبقاء على أحكامه، نحن للأسف لا نقرأ الدين ولا نفهمه".
وقال: "المسلم مثله مثل القبطى كلنا لنا نصيب فى هذا الوطن، كلنا يجب أن نشارك فيه، طالما نحن نعمل فى إطار سلمى، وطالما نحن نعمل بالحجة، وطالما نحن نحاول أن نصل فى نهاية المطاف إلى قضية مشتركة، وإلا سنتنافر، لا يوجد أحد فى مصر لا يحب بلده ولا يريد مصلحة بلده، بل كل واحد له رأيه وأنا أحترمه".
وكان البرادعي قد تحدث في الجزء الاول من حديثه مع "الشروق" حول وجود الاقبلط في مجلس الشعب، "وتساءل المجلس به كم قبطيا؟، وقال: بالانتخاب يوجد نائب قبطى واحد، بينما الأقباط لا يقلون عن 8% من إجمالى الشعب، إذن هناك مشكلة".
وقال: للسيدات الآن 64 مقعدا، وللفلاحين 50 مقعدا، وللأقباط مقعد واحد، كل هذه مسائل ديماجوجية، ليست مبينة على تفكير عقلانى، ولذلك كل هذه الاعتبارات يجب وضعها فى بوتقة فى إطار لجنة تأسيسية تمثل جميع الشعب من الإسلام السياسى إلى الماركسيين، ونتفق كيف تتوافر مقومات المساواة والعدالة الاجتماعية فى دستورنا".
اضاف: الدستور الجديد لابد أن يحقق السلام الاجتماعى لكل طائفة: مسلم، قبطى، بهائى، طفل، إمرأة. لابد أن يثق الجميع بأن حقوقه مكفولة وأن الدولة تتعامل معه على قدم المساواة مع زملاء المواطنة".
وأضاف في حواره مع صحيفة الشروق المصرية بتاريخ 22 – 12 –2009: "كلنا نشأنا، مسيحى أو مسلم، على القيم المشتركة، الصدق، الأمانة، تقديس العمل، السماحة، التضامن الاجتماعى، المحبة، هذا كان الإسلام، لم تكن لدينا قيادة دينية تتكلم عن إرضاع الكبير، فى نفس الوقت الذي كانت تكرمنى فيه ملكة هولندا، ويجلس إلى جوارى عالم مصري كبير اسمه نصر حامد أبوزيد، اضطر إلى الخروج من مصر لأن القضاء دخل إلى قلبه ووجد أنه ليس مسلما، وغادر البلاد.. هذه كارثة".
وتابع: يقول الله تبارك وتعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"، هذا هو الإسلام كما نعرفه، ويقول تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، هذا هو القرآن يوصينا بالكفار، فما بالنا بالمؤمنين؟"
ويرى البرادعي ، إن المصريين حولوا الدين إلى طقوس وفصلوا أنفسهم عن القيم وعن بقية العالم "اليوم حين يكون رجل مسلم اسمه محمد أو أحمد أو على، يتجنب ذكر اسمه، ويتعين عليه أن يقول أنا لا أنتمى إلى الجماعة الإرهابية.. أصبح الجميع ينظر إلينا نظرة ريبة وشك، لماذا؟ لأن العالم كله يرى صورة الإرهابيين ملثمين ويبررون أعمالهم بالإسلام، ويحتاج الأمر منك إلى سنوات بعد ثبات هذه الصورة فى أذهانهم لكى توضح لهم صورتك، وأن تثبت أن ليس كل المسلمين إرهابيين".
انتهت النصوص.
وقبل أن أسترسل فيما أريد قوله ، أقول إنني بعد قراءتي لكلامه على موقع محيط في ديسمبر الماضي ، اضطررت يومها لأن أكتب تعليقا سريعا عليه كما يلي وبعنوان : "البرادعي طلع مقلب في أمور كثيرة" ، قلت فيه :
"لأننا لم تتح لنا من قبل فرصة الاستماع أو القراءة بشيء من التفصيل للدكتور البرادعي لم نكن نعرف شيئا عن أفكاره وافترض الجميع أنه مادام قد تقلد منصبا دوليا فلابد بالضرورة أن يصلح لحكم مصر."

"وهذاالفرض غير صحيح بالنسبة له ولغيره، وعندما بدأ البرادعي يتكلم ويكشف عن آرائه توالت الصدمات. أنا لا أقول مثل ما يقوله كتبة الحكومة فأنا أعرف تدني مستواهم الفكري والثقافي وأنهم يكتبون بالريموت كنترول ولا أوافق على حملة الهجوم المبالغ فيها على الرجل وأنا بالمناسبة من معارضي النظام والمتطلعين لتغييره ولكنني لست من أنصار التغيير لمجرد التغيير ولكن لابد أن يكون التغيير لأفضل."

"وقد بدأت صدمتي في البرادعي قبل موضوع الترشح للرئاسة بمدة ، عندما حضر لمصر لتكريمه ومنحه قلادة النيل حيث ألقى يومها كلمة بالعربية ففوجئت به يقع في أخطاء لغوية فاحشة في الوقت الذي يتكلم فيه الإنجليزية بدرجة إتقان كبيرة ، فهذا أول ما جعله يسقط من نظري."

"والآن هو يتكلم فيما لا يفهمه ولا يحسنه ولا يكتفي بذلك بل يعايرنا جميعا بأننا لم نقرأ القرآن ولم نفهمه مثل سيادته ، لأنه من الخطأ من وجهة نظره أن ينص الدستور على جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع لأن القرآن يقول" وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" وسيادته فهم معنى الآية على أنه حث من الله تعالى لأهل الإنجيل ليس فقط على أن يتمسكوا بدينهم ولكن أيضا على البقاء على أحكامه ! والصحيح يا دكتور يا من تريد حكم مصر بهذه البساطة هو أن القرآن الكريم يستخدم هذا الأسلوب البلاغي للتعجيز اتساقا منه مع المبدأ الثابت في الكتاب كله بأن كتابهم الأصلي تعرض للتحريف من زيادة ونقصان ونسيان وضياع إلخ ، فهو هنا يتحداهم أن يحكموا بما في كتابهم الأصلي لأنه غير موجود أصلا ، والملفت هنا أن الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يستخدم كلمات محددة لا لبس فيها فهو لا يقول : يحكموا بما "عندهم" ولكن " بما أنزل الله فيه " أي بالنص الأصلي المنزل."

"فالمصيبة يا عمنا الدكتور أنك مش بس مش فاهم حاجة في الدين الذي تنتسب إليه لكن كمان عمال تعك وتسفه الآخرين وتعتقد حضرتك أنك الوحيد اللي جاب التايهة والآخرون كلهم لم يفهموا الإسلام والقرآن !"

"وهناك ملاحظات أخرى كثيرة تفيد أن هذا الرجل لو فرضنا جدلا أنه سيحكم مصر ستكون مصيبة البلد في رأيي أضعاف أضعاف ما ارتكبه النظام الحالي. الرجل بصراحة غير مقتع بالمرة ولو في الحد الأدنى وحيخلي البلد بظرميط مادامت ثقافته في بديهيات العقيدة التي ينتمي إليها بهذه الركاكة والسطحية وواضح أيضا أنه واخد في نفسه قلم كبير جدا بلا حيثيات ، وبعدين مفيش داعي للعنتريات والتمثيليات بتاعت أنه وقف ضد إسرائيل والكلام الكبير ده كله ، فالرجل يستحيل أن تبقيه واشنطن والغرب كل هذه المدد في منصبه إذا لم يكن يحقق مصالحهم. والكلام يطول ، لكن أنبه الذين مازالوا مفتونين به بأن يفيقوا ويفهموا الرجل صح لأنه طلع مقلب كبير جدا."

انتهى تعليقي القديم.

وأود أن أضيف أيضا هنا أن فهمه البائس للأسف للقرآن ( والذي يتضح لنا أنه يقرأه ويفهمه كما يقرأ صحيفة الصباح أو أخبار رويتر ! ، دون أدني مراعاة لفهم معاني المفردات ومقصود النصوص والسيرة وسائر علوم الإسلام ودون أن يهتدي بأي عالم أو مفكر ) أقول فهمه هذا المتدني جدا لمعاني الآيات يمتد لأمور أخرى لا يمكننا أن نعذره في الجهل بها ، وهو دكتور القانون ورجل الخارجية والدبلوماسية الخطير : وهو فهمه لمعنى الدولة !

يقول : وزارة الصناعة ليست مسلمة ؟! ووزارة الصحة ليس لها دين .

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !

عليه العوض ومنه العوض يا قوم !

هذا إذن هو فهم الرئيس المرشح - وربما يصبح الرئيس المنتخب - لمعني عبارة أو مصطلح أو مفهوم "دين الدولة". هذا هو فهم دكتور القانون الدولي ، والدبلوماسي العظيم ، ومدير وكالة دولية كبيرة ، وصاحب نوبل !

لا يا عمنا ، فعلا يا من صرت في نظر البعض سنهوري عصرك وأبو زهرة زمانك – من غير مناسبة لا مؤاخذة وبالمناسبة أقطع دراعي إذا كان الغرب المتحضر يعطي جائزة نوبل أو نوفل أو بسطاويسي حتى ، إلا لأحد قد فحصوه ومحصوه ودخلوا تلافيف تفكيره وفصصوا حياته ومواقفه واطمأنوا وحطوا في بطنهم شادر بطيخ صيفي انه "تمام" و"كده" و"ييجي منه" ! - ليس هناك وزارة صحة مسلمة ولا وزارة صناعة متدينة ، ولكن هناك من يدير هذه الوزارة أو تلك بقوانين ولوائح وأخلاق وآداب وقيم ملتزمة بالشريعة الإسلامية ، من باب الالتزام بالدستور. بمعنى أن وزارة الصحة مثلا لا تبيح الإجهاض في غير حالات الضرورة الصحية القصوى لأنها تلتزم الشريعة يا عمنا ، ولأن الدستور يجعل الشريعة مصدرا ومرجعا ، وهكذا ، فهي وزارة ليست في حاجة لأن تضع عمامة كبيرة على مقرها لكي تصير وزارة مسلمة ، ولكنها تنتمي لدولة لها مرجعية إسلامية راجعة أساسا إلى رضا الغالبية العظمى من الشعب الذي ارتضاها شريعة ومنهجا. أليست الديمقراطية حكم الشعب ؟ اسألوا الشعب. أليس التشريع جزءا مهما من عمل السلطة التشريعية ؟ طيب ، ألا تلتزم السلطة التشريعية ومعها القضائية والتنفيذية بأحكام الشريعة الإسلامية في كل قانون تتم صياغته أو إصداره أو تطبيقه أو الحكم به؟ ما الذي يدعو للسخرية هنا حتى نقول وزارة مسلمة ووزارة لها دين ؟

الدولة مفهوم غامض لدى دكتور القانون وهذا شيء يدعو للأسف.

إنه يضع نصب عينيه فقط ما تدعيه بعض النظم الغربية – وليس ما تطبقه حقيقة – من أنها دول لا دين لها وأن الأديان عندها جميعا تتساوى ، ومكانها دار العبادة ، والدولة تتخذ مسافة واحدة من جميع الأديان.

هذا بكش يا دكتور. هذه أونطة. هذا الذي يدعونه دجل وخداع وشغل التلات ورقات.

تعصبهم لأديانهم وضد الإسلام يجري في عروقهم ، واللي ما يشوفش من الغربال .. لا مؤاخذة يعني !

أبرز مثال فرنسا ، هل فرنسا حقا دولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان ؟! هل حربها الشرسة على الحجاب بالذات تعكس اي حيادية أو علمانية ؟!

ثم إنهم حتى إذا فعلوا ذلك في بلادهم فلأن لهم تجربة تاريخية مريرة مع تسلط الكنيسة قرونا طويلة أدت إلى ظلمات وتدهور ومظالم وتخلف علمي واستبداد بشع. مالنا نحن ومالهم يا عمنا ؟!

والصحيح يا دكتور أن الدولة التي لا دين لها لا توصف بأنها دولة "مدنية" ، لأن الدولة التي دينها الإسلام هي نفسها أيضا دولة "مدنية" ، ولكن الصحيح هو أن الدولة التي لا دين لها هي دولة "علمانية" والعلمانية مذهب له موقف سلبي من الدين وليس محايدا. والمرفوض فقط هو الدولة الثيوقراطية أي التي يحكمها كهنة ، وهؤلاء لا وجود لهم في الإسلام أصلا.

انتهى الدرس.

ومعظم الدول التي تضم غالبية مسلمة تنص دساتيرها على أن الإسلام دين الدولة ، يعني ليست مصر فقط يا دكتور ، كما أن هناك بالمناسبة حوالي ست دول دينها الرسمي هو البوذية ، مثل بوتان وكمبوديا وتايلاند وسريلانكا ، لماذا لم تتحدث عن هؤلاء ، وهل أدى ذلك لتخلفهم ام أن معظمهم صاروا دولا متحضرة ومتقدمة أكثر منا ؟

ومن قال إن أخي القبطي لن يحصل على حقوقه إلا في دولة "منزوعة الإسلام" كما هو خلاصة كلام الدكتور ؟! أبدا والله لقد أفادتنا دراسات أساتذة لنا أن دستور 1923 الذي نص على أن دين الدولة الإسلام شارك في وضعه غير مسلمين. إن الإسلام وشريعته هما اللذان يحميان الأقليات وهما اللذان يجبران المسلم على البر بهم والقسط معهم ويعاقبه إذا ظلمهم.

الكلام يطول ، ولكنني أضيف أخيرا خاطرا جاء لي أخطر من كل ما سبق : ألا تحسون معي أن في الأمر رائحة غير مريحة ، وأنه من الغريب والمريب أن تبدو المسألة كلها من أولها لآخرها كده أنها تلقائية ؟! وها قد وقعنا جميعا في "الخية" كما نقع في كل مرة ، ويتضح لنا مؤخرا جدا للأسف – برضه في كل مرة – أنه كان سيناريو محكما ومدبرا بين أطراف كثيرة وأن كل شيء فيه كان مقصودا ! هناك شيء واحد فقط أحترمه في الدكتور البرادعي : أنه كان واضحا جدا في توصيل فهمه لنا عن الدين والإسلام والشريعة ورايه في المادة الثانية من الدستور

كده كل شيء على نور الآن . فليؤيده من شاء وليرفضه من شاء.
وإلى كل الذين اعتبروه "أمل الأمة" ، وبالذات من الإسلاميين أو المسلمين الذين يهمهم أمر الدين : تعيشون وتأخذون غيرها .. و لا أراكم الله "برادعي" في عزيز لديكم !
إوعى ييجي لك البرادعي !
بقلم : معتز شكري
في الأثر أن البلاء موكل بالمنطق.
ولكن رب ضارة نافعة.
فالذي قاله البرادعي "بعظمة لسانه" عن الإسلام والشريعة الإسلامية والدين أبلغ من أي كلام نقوله لننتقده فيه. والذي قاله في حديثه الأخير على قناة دريم لا يختلف عما سبق أن قاله قبل نحو شهرين ، ولكننا يا سادة في مصر ، ومصر هذه بلد قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله تعالى : كل شيء فيه ينسى بعد حين !
وربنا سبحانه يقول : "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ، وقد اضطررت لتغيير مقالي وكتابة ما أنا كاتبه الآن بعد أن رأيت نزول كتاب إسلاميين أفاضل إلى الحلبة مؤيدين بشدة عن رئاسة الدكتور البرادعي – التي لا يعلم أحد إلا الله تعالى مدى رجحانها حتى الآن وإن تكن في جميع الأحوال غير مستبعدة بعد أن جرت في النهر مياه كثيرة غريبة ومريبة في عواصم مختلفة من العالم – واقتناع بعضهم بأنه أفضل من غيره ، وبعضهم الآخر أنه الأفضل على الإطلاق الآن.
فتحملوني أولا وأنا أورد نصوص كلامه ، وقد تعودت على المنهج العلمي بنسبة كل شيء إلى مصدره ، ثم لتكن لي تعليقات سريعة بعد ذلك :
في الجزء الثاني من حديث الدكتور محمد البرادعي مع الشروق في أواخر ديسمبر 2009 قال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية : "إن هناك تناقض فى الدستور المصري، لأنه يقول إن الدولة دينها الإسلام لأن غالبية مصر دينها هو الإسلام، ولكن الدولة ليس لها دين، فوزارة الصحة ليس لها دين، وزارة الصناعة ليست مسلمة".
واضاف : "إذا كانت الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى، إلا أن هناك بعض المشكلات التى لم ننجح فى حلها حتى الآن، ومنها علاقة الدين بالدولة، ليست فقط فى مصر، وإنما فى العالم العربى ككل".
وتابع البرادعي: "هناك آية قرآنية تقول: "فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه"، سورة المائدة، القرآن هنا لا يسمح لأهل الدين بالتمسك فقط بدينهم وإنما بالبقاء على أحكامه، نحن للأسف لا نقرأ الدين ولا نفهمه".
وقال: "المسلم مثله مثل القبطى كلنا لنا نصيب فى هذا الوطن، كلنا يجب أن نشارك فيه، طالما نحن نعمل فى إطار سلمى، وطالما نحن نعمل بالحجة، وطالما نحن نحاول أن نصل فى نهاية المطاف إلى قضية مشتركة، وإلا سنتنافر، لا يوجد أحد فى مصر لا يحب بلده ولا يريد مصلحة بلده، بل كل واحد له رأيه وأنا أحترمه".
وكان البرادعي قد تحدث في الجزء الاول من حديثه مع "الشروق" حول وجود الاقبلط في مجلس الشعب، "وتساءل المجلس به كم قبطيا؟، وقال: بالانتخاب يوجد نائب قبطى واحد، بينما الأقباط لا يقلون عن 8% من إجمالى الشعب، إذن هناك مشكلة".
وقال: للسيدات الآن 64 مقعدا، وللفلاحين 50 مقعدا، وللأقباط مقعد واحد، كل هذه مسائل ديماجوجية، ليست مبينة على تفكير عقلانى، ولذلك كل هذه الاعتبارات يجب وضعها فى بوتقة فى إطار لجنة تأسيسية تمثل جميع الشعب من الإسلام السياسى إلى الماركسيين، ونتفق كيف تتوافر مقومات المساواة والعدالة الاجتماعية فى دستورنا".
اضاف: الدستور الجديد لابد أن يحقق السلام الاجتماعى لكل طائفة: مسلم، قبطى، بهائى، طفل، إمرأة. لابد أن يثق الجميع بأن حقوقه مكفولة وأن الدولة تتعامل معه على قدم المساواة مع زملاء المواطنة".
وأضاف في حواره مع صحيفة الشروق المصرية بتاريخ 22 – 12 –2009: "كلنا نشأنا، مسيحى أو مسلم، على القيم المشتركة، الصدق، الأمانة، تقديس العمل، السماحة، التضامن الاجتماعى، المحبة، هذا كان الإسلام، لم تكن لدينا قيادة دينية تتكلم عن إرضاع الكبير، فى نفس الوقت الذي كانت تكرمنى فيه ملكة هولندا، ويجلس إلى جوارى عالم مصري كبير اسمه نصر حامد أبوزيد، اضطر إلى الخروج من مصر لأن القضاء دخل إلى قلبه ووجد أنه ليس مسلما، وغادر البلاد.. هذه كارثة".
وتابع: يقول الله تبارك وتعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"، هذا هو الإسلام كما نعرفه، ويقول تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، هذا هو القرآن يوصينا بالكفار، فما بالنا بالمؤمنين؟"
ويرى البرادعي ، إن المصريين حولوا الدين إلى طقوس وفصلوا أنفسهم عن القيم وعن بقية العالم "اليوم حين يكون رجل مسلم اسمه محمد أو أحمد أو على، يتجنب ذكر اسمه، ويتعين عليه أن يقول أنا لا أنتمى إلى الجماعة الإرهابية.. أصبح الجميع ينظر إلينا نظرة ريبة وشك، لماذا؟ لأن العالم كله يرى صورة الإرهابيين ملثمين ويبررون أعمالهم بالإسلام، ويحتاج الأمر منك إلى سنوات بعد ثبات هذه الصورة فى أذهانهم لكى توضح لهم صورتك، وأن تثبت أن ليس كل المسلمين إرهابيين".
انتهت النصوص.
وقبل أن أسترسل فيما أريد قوله ، أقول إنني بعد قراءتي لكلامه على موقع محيط في ديسمبر الماضي ، اضطررت يومها لأن أكتب تعليقا سريعا عليه كما يلي وبعنوان : "البرادعي طلع مقلب في أمور كثيرة" ، قلت فيه :
"لأننا لم تتح لنا من قبل فرصة الاستماع أو القراءة بشيء من التفصيل للدكتور البرادعي لم نكن نعرف شيئا عن أفكاره وافترض الجميع أنه مادام قد تقلد منصبا دوليا فلابد بالضرورة أن يصلح لحكم مصر."

"وهذاالفرض غير صحيح بالنسبة له ولغيره، وعندما بدأ البرادعي يتكلم ويكشف عن آرائه توالت الصدمات. أنا لا أقول مثل ما يقوله كتبة الحكومة فأنا أعرف تدني مستواهم الفكري والثقافي وأنهم يكتبون بالريموت كنترول ولا أوافق على حملة الهجوم المبالغ فيها على الرجل وأنا بالمناسبة من معارضي النظام والمتطلعين لتغييره ولكنني لست من أنصار التغيير لمجرد التغيير ولكن لابد أن يكون التغيير لأفضل."

"وقد بدأت صدمتي في البرادعي قبل موضوع الترشح للرئاسة بمدة ، عندما حضر لمصر لتكريمه ومنحه قلادة النيل حيث ألقى يومها كلمة بالعربية ففوجئت به يقع في أخطاء لغوية فاحشة في الوقت الذي يتكلم فيه الإنجليزية بدرجة إتقان كبيرة ، فهذا أول ما جعله يسقط من نظري."

"والآن هو يتكلم فيما لا يفهمه ولا يحسنه ولا يكتفي بذلك بل يعايرنا جميعا بأننا لم نقرأ القرآن ولم نفهمه مثل سيادته ، لأنه من الخطأ من وجهة نظره أن ينص الدستور على جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع لأن القرآن يقول" وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" وسيادته فهم معنى الآية على أنه حث من الله تعالى لأهل الإنجيل ليس فقط على أن يتمسكوا بدينهم ولكن أيضا على البقاء على أحكامه ! والصحيح يا دكتور يا من تريد حكم مصر بهذه البساطة هو أن القرآن الكريم يستخدم هذا الأسلوب البلاغي للتعجيز اتساقا منه مع المبدأ الثابت في الكتاب كله بأن كتابهم الأصلي تعرض للتحريف من زيادة ونقصان ونسيان وضياع إلخ ، فهو هنا يتحداهم أن يحكموا بما في كتابهم الأصلي لأنه غير موجود أصلا ، والملفت هنا أن الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يستخدم كلمات محددة لا لبس فيها فهو لا يقول : يحكموا بما "عندهم" ولكن " بما أنزل الله فيه " أي بالنص الأصلي المنزل."

"فالمصيبة يا عمنا الدكتور أنك مش بس مش فاهم حاجة في الدين الذي تنتسب إليه لكن كمان عمال تعك وتسفه الآخرين وتعتقد حضرتك أنك الوحيد اللي جاب التايهة والآخرون كلهم لم يفهموا الإسلام والقرآن !"

"وهناك ملاحظات أخرى كثيرة تفيد أن هذا الرجل لو فرضنا جدلا أنه سيحكم مصر ستكون مصيبة البلد في رأيي أضعاف أضعاف ما ارتكبه النظام الحالي. الرجل بصراحة غير مقتع بالمرة ولو في الحد الأدنى وحيخلي البلد بظرميط مادامت ثقافته في بديهيات العقيدة التي ينتمي إليها بهذه الركاكة والسطحية وواضح أيضا أنه واخد في نفسه قلم كبير جدا بلا حيثيات ، وبعدين مفيش داعي للعنتريات والتمثيليات بتاعت أنه وقف ضد إسرائيل والكلام الكبير ده كله ، فالرجل يستحيل أن تبقيه واشنطن والغرب كل هذه المدد في منصبه إذا لم يكن يحقق مصالحهم. والكلام يطول ، لكن أنبه الذين مازالوا مفتونين به بأن يفيقوا ويفهموا الرجل صح لأنه طلع مقلب كبير جدا."

انتهى تعليقي القديم.

وأود أن أضيف أيضا هنا أن فهمه البائس للأسف للقرآن ( والذي يتضح لنا أنه يقرأه ويفهمه كما يقرأ صحيفة الصباح أو أخبار رويتر ! ، دون أدني مراعاة لفهم معاني المفردات ومقصود النصوص والسيرة وسائر علوم الإسلام ودون أن يهتدي بأي عالم أو مفكر ) أقول فهمه هذا المتدني جدا لمعاني الآيات يمتد لأمور أخرى لا يمكننا أن نعذره في الجهل بها ، وهو دكتور القانون ورجل الخارجية والدبلوماسية الخطير : وهو فهمه لمعنى الدولة !

يقول : وزارة الصناعة ليست مسلمة ؟! ووزارة الصحة ليس لها دين .

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !

عليه العوض ومنه العوض يا قوم !

هذا إذن هو فهم الرئيس المرشح - وربما يصبح الرئيس المنتخب - لمعني عبارة أو مصطلح أو مفهوم "دين الدولة". هذا هو فهم دكتور القانون الدولي ، والدبلوماسي العظيم ، ومدير وكالة دولية كبيرة ، وصاحب نوبل !

لا يا عمنا ، فعلا يا من صرت في نظر البعض سنهوري عصرك وأبو زهرة زمانك – من غير مناسبة لا مؤاخذة وبالمناسبة أقطع دراعي إذا كان الغرب المتحضر يعطي جائزة نوبل أو نوفل أو بسطاويسي حتى ، إلا لأحد قد فحصوه ومحصوه ودخلوا تلافيف تفكيره وفصصوا حياته ومواقفه واطمأنوا وحطوا في بطنهم شادر بطيخ صيفي انه "تمام" و"كده" و"ييجي منه" ! - ليس هناك وزارة صحة مسلمة ولا وزارة صناعة متدينة ، ولكن هناك من يدير هذه الوزارة أو تلك بقوانين ولوائح وأخلاق وآداب وقيم ملتزمة بالشريعة الإسلامية ، من باب الالتزام بالدستور. بمعنى أن وزارة الصحة مثلا لا تبيح الإجهاض في غير حالات الضرورة الصحية القصوى لأنها تلتزم الشريعة يا عمنا ، ولأن الدستور يجعل الشريعة مصدرا ومرجعا ، وهكذا ، فهي وزارة ليست في حاجة لأن تضع عمامة كبيرة على مقرها لكي تصير وزارة مسلمة ، ولكنها تنتمي لدولة لها مرجعية إسلامية راجعة أساسا إلى رضا الغالبية العظمى من الشعب الذي ارتضاها شريعة ومنهجا. أليست الديمقراطية حكم الشعب ؟ اسألوا الشعب. أليس التشريع جزءا مهما من عمل السلطة التشريعية ؟ طيب ، ألا تلتزم السلطة التشريعية ومعها القضائية والتنفيذية بأحكام الشريعة الإسلامية في كل قانون تتم صياغته أو إصداره أو تطبيقه أو الحكم به؟ ما الذي يدعو للسخرية هنا حتى نقول وزارة مسلمة ووزارة لها دين ؟

الدولة مفهوم غامض لدى دكتور القانون وهذا شيء يدعو للأسف.

إنه يضع نصب عينيه فقط ما تدعيه بعض النظم الغربية – وليس ما تطبقه حقيقة – من أنها دول لا دين لها وأن الأديان عندها جميعا تتساوى ، ومكانها دار العبادة ، والدولة تتخذ مسافة واحدة من جميع الأديان.

هذا بكش يا دكتور. هذه أونطة. هذا الذي يدعونه دجل وخداع وشغل التلات ورقات.

تعصبهم لأديانهم وضد الإسلام يجري في عروقهم ، واللي ما يشوفش من الغربال .. لا مؤاخذة يعني !

أبرز مثال فرنسا ، هل فرنسا حقا دولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان ؟! هل حربها الشرسة على الحجاب بالذات تعكس اي حيادية أو علمانية ؟!

ثم إنهم حتى إذا فعلوا ذلك في بلادهم فلأن لهم تجربة تاريخية مريرة مع تسلط الكنيسة قرونا طويلة أدت إلى ظلمات وتدهور ومظالم وتخلف علمي واستبداد بشع. مالنا نحن ومالهم يا عمنا ؟!

والصحيح يا دكتور أن الدولة التي لا دين لها لا توصف بأنها دولة "مدنية" ، لأن الدولة التي دينها الإسلام هي نفسها أيضا دولة "مدنية" ، ولكن الصحيح هو أن الدولة التي لا دين لها هي دولة "علمانية" والعلمانية مذهب له موقف سلبي من الدين وليس محايدا. والمرفوض فقط هو الدولة الثيوقراطية أي التي يحكمها كهنة ، وهؤلاء لا وجود لهم في الإسلام أصلا.

انتهى الدرس.

ومعظم الدول التي تضم غالبية مسلمة تنص دساتيرها على أن الإسلام دين الدولة ، يعني ليست مصر فقط يا دكتور ، كما أن هناك بالمناسبة حوالي ست دول دينها الرسمي هو البوذية ، مثل بوتان وكمبوديا وتايلاند وسريلانكا ، لماذا لم تتحدث عن هؤلاء ، وهل أدى ذلك لتخلفهم ام أن معظمهم صاروا دولا متحضرة ومتقدمة أكثر منا ؟

ومن قال إن أخي القبطي لن يحصل على حقوقه إلا في دولة "منزوعة الإسلام" كما هو خلاصة كلام الدكتور ؟! أبدا والله لقد أفادتنا دراسات أساتذة لنا أن دستور 1923 الذي نص على أن دين الدولة الإسلام شارك في وضعه غير مسلمين. إن الإسلام وشريعته هما اللذان يحميان الأقليات وهما اللذان يجبران المسلم على البر بهم والقسط معهم ويعاقبه إذا ظلمهم.

الكلام يطول ، ولكنني أضيف أخيرا خاطرا جاء لي أخطر من كل ما سبق : ألا تحسون معي أن في الأمر رائحة غير مريحة ، وأنه من الغريب والمريب أن تبدو المسألة كلها من أولها لآخرها كده أنها تلقائية ؟! وها قد وقعنا جميعا في "الخية" كما نقع في كل مرة ، ويتضح لنا مؤخرا جدا للأسف – برضه في كل مرة – أنه كان سيناريو محكما ومدبرا بين أطراف كثيرة وأن كل شيء فيه كان مقصودا ! هناك شيء واحد فقط أحترمه في الدكتور البرادعي : أنه كان واضحا جدا في توصيل فهمه لنا عن الدين والإسلام والشريعة ورايه في المادة الثانية من الدستور

كده كل شيء على نور الآن . فليؤيده من شاء وليرفضه من شاء.
وإلى كل الذين اعتبروه "أمل الأمة" ، وبالذات من الإسلاميين أو المسلمين الذين يهمهم أمر الدين : تعيشون وتأخذون غيرها .. و لا أراكم الله "برادعي" في عزيز لديكم !